تقارير

في بقعة الضوء ”أسبوع دبي للساعات“ يحتفي بصناعات الساعات الألمانية

أحد الأهداف الأساسية لحدث “أسبوع دبي للساعات” هو نقل والحفاظ على المعرفة المتعلقة بصناعة أدوات قياس الزمن. وفي الوقت الذي يساوي فيه معظمنا بين صناعة الساعات الراقية والهوية السويسرية للساعة؛ فإن صناعة أدوات قياس الزمن الألمانية تتمتع أيضاً بنفس المهارة في مجال الساعات الراقية. وقد قام “أسبوع دبي للساعات” بتنظيم رحلة صحفية تحت عنوان “ساكسونيا – قلب صناعة الساعات الألمانية”، لاكتشاف إرث ومهارات وحرفية صناعة الساعات في ولاية ساكسونيا، ولاسيما في مدينتي درسدن وغلاشوتي.

وقد أتيحت الفرصة لمجلتنا لمقابلة والحديث مع كل من كريستين هاتر؛ مؤسس والرئيس التنفيذي لمصنّعة الساعات الراقية المستقلة “موريتز غروسمان”، وماركو لانغ مؤسس علامة “لانغ أوند هاين”.

“موريتز غروسمان”: سيدة فن التشطيبات

في الأسطر التالية تتحدث إلينا كريستين هاتر، مؤسس والرئيس التنفيذي لمصنّعة الساعات الراقية المستقلة “موريتز غروسمان”، حول العلامة وشغفها بالتشطيبات الراقي، والاعتراف العالمي المتزايد بمهارات صناعة الساعات الألمانية.

كم من الوقت استغرق إنشاء مصنع العلامة؟ وكيف كانت صعوبة ذلك الأمر؟

أسسنا الشركة في العام 2008، والآن لدينا مصنعنا الخاص بنا ويعمل فيه 50 فرداً. ومازلنا في مرحلة إنشاء المصنع؛ فقد بدأنا في العام 2009 كورشة صغيرة، ومن ثم توسعنا ببطء من خلال شراء آلات جديدة، وإنشاء أقسام جديدة. لقد كانت عملية مستمرة، واليوم نقوم بإنتاج ما يقرب من 85 في المئة من حركات ساعاتنا داخلياً.

كان الأمر صعباً، ولكن كان لدي فريق جيد يدعمني. فأنت لا يمكنك فعل أي شيء من دون وجود فريق رائع يقف خلفك، وبالفعل فإن الجميع عملوا بجد لتطوير الأقسام الخاصة بهم. إلا أن نمو أي شركة يمر بموجات من الصعود والهبوط، ونحن الآن في طريقنا للصعود؛ إذ نقوم بإنتاج أقل من 500 ساعة غير أن جودة ساعاتنا عالية جداً جداً؛ ولذا فنحن سعداء ونتطلع إلى المستقبل.

ما السبب في أن ما يقرب من ثلث الموظفين في مصنع العلامة متخصصون في التشطيبات؟

إذا ألقيت نظرة إلى الساعات التي نصنّعها وعملية صناعة الساعات في مصنعنا، ستجد أن سعر الساعة لا يكافئ التصنيع حيث إن تشطيبات ساعاتنا جيدة جداً. فنحن نعمل بالطرق التقليدية القديمة للتشطيب، كما نضمن أيضاً أن كل جزء من الحركة، مهما كان صغيراً، يتم تشطيبه يدوياً. ونحن لا نريد أن نقوم بميكنة أي جزء من عملية التصنيع؛ حيث إننا نريد أن تتمتع ساعاتنا ببراعة فنية عالية حقاً.

متى تعتقدين أن صناعة الساعات الألمانية سيتم تقديرها بمثل تقدير العلامات السويسرية، ليس فقط من جانب هواة جمع الساعات ولكن أيضاً من جانب عامة الناس؟

أعتقد أن هذا قد بدأ بالفعل لأن مدينة غلاشوتي لديها اليوم ختم مميز في السوق العالمية. كما أنه صحيح أن جامعي الساعات حول العالم يعلمون بما يحدث في غلاشوتي والعمل الذي تقوم به العلامات الألمانية. ولكن من الصعب المقارنة مع العلامات السويسرية؛ لأننا بدأنا صناعة الساعات هنا مرة أخرى منذ نحو 25 عاماً فقط، في حين أن صناعة الساعات السويسرية الحديثة يبلغ عمرها أكثر من 80 عاماً. وهذا العام 2018 يوافق الذكرى السنوية العاشرة لإعادة تأسيس العلامة؛ ولذا فنحن إحدى أصغر العلامات سناً هنا في غلاشوتي. ولدينا هنا عدد من صانعي الساعات، يقدمون مجموعة واسعة من معدلات الأسعار، وهكذا فإنه ليس المختصون بصناعة أدوات قياس الزمن فقط، وإنما أيضاً عامة الناس، صاروا الآن على دراية بخبرة ومهارة مدينة غلاشوتي في صناعة الساعات.

أعلن صانع الساعات الشهير فيليب دوفور، مؤخراً، أن الساعات الألمانية تتقدم كثيراً على صناعة الساعات السويسرية؛ فما هو تعليقك؟

نحن أيضاً على اتصال مع فيليب، وهو يثني كثيراً على عملنا، وخصوصاً تشطيباتنا؛ حيث إنها مماثلة جداً لنوع التشطيب الذي يقوم به. وعندما تنظر إلى ساعاتنا، تجد أنها بسيطة وكلاسيكية للغاية من حيث المظهر، ولكن في الداخل تتمتع ساعاتنا بتعقيدات فائقة فضلاً عن أن التشطيبات منفذة بدقة وبشكل معقد. كذلك نحاول أيضاً تطوير المزايا المفيدة للزبون النهائي، ولتكون أيضاً سهلة الصيانة. وأعتقد أن فيليب يعجبه كل هذه الخصائص، وعندما تحدثت إليه قال إنه يوجد عدد قليل فقط من العلامات – وبالدرجة الأولى علامته وعلامتنا – هي التي تقوم بهذا المستوى العالي من التشطيب.

ما هو الرقم المثالي الذي تعتقدين أنكم بحاجة إلى إنتاجه من الساعات وفي الوقت نفسه يظل رقماً حصرياً بالنسبة إلى علامتكم؟

بين 800 و1000 قطعة سيكون الرقم المثالي، لأننا نريد الحفاظ على براعتنا الحرفية، بالحفاظ على تصنيع ساعاتنا داخلياً وبشكل يدوي. فنحن لا نريد أن نتحول إلى الإنتاج الضخم، أو نقوم بأتمتة إنتاجنا (باستخدام الكمبيوتر) في أي مرحلة من مراحل الإنتاج.

هل تخططون لطرح المزيد من ساعات التعقيدات مثل ساعة “سكاي لايف بينو توربيون” التي قمتم بإطلاقها قبل ثلاث سنوات؟

لدينا بالفعل عدد من التعقيدات، إلا أن الأمر يستغرق سنوات من العمل لتطوير وبناء حركة الساعة التي تتضمن تعقيدات. وقد كانت ساعة التوربيون أمراً مميزاً، بسبب آلية إيقاف الثواني، والتوربيون سريع الحركة (المحلق)، والزرين اللذين تتضمنهما الحركة. ولدينا أيضاً تعقيدات أصغر؛ مثل مؤشر احتياطي الطاقة والتاريخ. وقد قدمنا النموذج الأولى لحركتنا الأوتوماتيكية الخاصة؛ “أتوم إيماتيك”، والتي تستخدم المطرقة الأوتوماتيكية وليس النابض. وإضافة إلى هذا، نقوم بتطوير تعقيدات أخرى؛ مثل الساعة الأوتوماتيكية، وتعقيدات التقويم الدائم، وتعقيدات الكرونوغراف، حيث نريد تطوير هذه التعقيدات بطريقة مختلفة لكي تبدو بسيطة عند النظر إليها، ولكي يكون التعامل معها سهلاً.

“لانغ أوند هاين”: صناعة التعقيدات البسيطة

يوضح ماركو لانغ كيف أثبتت الماركة نفسها داخل عالم صناعة الساعات الراقية شديد التخصص والتميز، وما الذي يجعلها تبرز في هذه السوق الصعبة المتطلبة.

Marco Lang

كيف قمتم بتأسيس سمعتكم كصانع ساعات رئيسي داخل عالم الساعات الراقية التنافسي؟

تعد “لانغ أوند هاين” علامة متخصصة صغيرة، وهي ليست منافسة للعلامات الكبيرة. ونحن نقدم منتجاتنا للزبائن الذين يبحثون عن الساعات عالية الجودة. ونحن لا نقوم بالإعلان عن ساعاتنا، ولكننا نتواصل مع محبي هذا النوع من الساعات. فبعض العلامات المستقلة تنسى أن تتواصل بخصوص العلامة وعملها؛ حيث تظن هذه العلامات أنه يكفي فقط لكي تحقق النجاح أن تقوم بصنع ساعات جميلة وأنيقة، ثم الذهاب إلى معرض “بازل”.

وقد ارتبطت مع مؤسسة AHCI “أكاديمية المبدعين المستقلين لصناعة الساعات”، والتي كانت خياري الأول للتسويق. وفي العام 2002 قدمنا أولى موديلاتنا من الساعات، وقمنا بإطلاقها باستخدام منصة AHCI. وقد منحنا هذا الشرعية كعلامة، وجذب الانتباه إلينا من قبل صانعي الساعات الآخرين وعشاق الساعات الراقية. وعلى سبيل المثال، جاء إلينا فيليب دوفور مع فريقه ووكلاء التجزئة، وبينما كان يتحدث إليهم وصفني بأنني صانع ساعات شاب.

وقد قمنا بتصنيع آليات كاليبر جديدة كل عامين، وازدادت اتصالاتنا بشكل نسبي. ونحن نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بأنفسنا على نطاق واسع؛ حيث إن وسائل الإعلام المطبوعة مكلفة للغاية. وكان من المفاجئ بالنسبة إلينا في البداية، عندما ذهبنا إلى المعارض للمشاركة وقمنا ببيع ساعاتنا على الفور. ومصدر إلهامي هو ساعات الجيب التي كانت تصنع تاريخياً في ولاية ساكسونيا، وهكذا جاءت الساعات التي أقوم بتصميمها أقرب إلى أن تكون ساعات للجيب تمت ترجمتها إلى ساعات لليد.

وفي العام 2001 تعاونت مع صانع الساعات ميركو هاين لإطلاق العلامة. وتتميز ساعاتنا بأنها بسيطة للغاية وغير معقدة. وفي البداية، لم يكن لدينا جميع المعدات التي نملكها اليوم؛ ولذلك استخدمنا الحركات والأجزاء التي ينتجها مصنع “أونيتس”، وقمنا فقط بتنفيذ التشطيبات. ولسبب ما، نجح الأمر وأحب الناس ساعاتنا بالفعل.

وبعدها واجهنا فترة صعبة؛ فجميع ساعاتنا كانت نماذج أولية، والآن يجب علينا فجأة أن نقوم بتصنيع عدد من مثل هذه النماذج. ورغم تحقيقنا النجاح إلا أن هاين انسحب من العلامة؛ حيث إنه أتى من قطاع صناعة الساعات الفاخرة، وكان يفضل ذلك النوع من المنتجات، في الوقت الذي كنت أفضل أنا الأسلوب الكلاسيكي والمظهر البسيط. ولهذا انفصلنا بعد عام واحد.

لكن العلامة لا تزال تحمل اسمه؟

نعم، بالفعل لا تزال العلامة تحمل اسمه. فقد ساهم في تأسيس العلامة في البداية، وحيث إننا قد صنعنا اسماً لأنفسنا؛ لم يكن من الحكمة تغييره بعد عام.

بما أنك متخصص في التشطيب ذي التفاصيل الدقيقة، كيف تتوصل إلى وضع السعر لساعات علامتك؟

الطريقة التي نحسب بها السعر مختلفة عن العلامات الأخرى، فعادة ما تتوصل علامات الساعات الراقية إلى رقم كلي؛ حيث تكلف عملية التسويق الكثير وهوامش البيع بالتجزئة تكون أكثر. في حين أقوم أنا بحساب التكلفة الفعلية؛ مثل المواد والعمالة.. إلى آخر ذلك، ثم أضيف هامش البيع بالتجزئة و20 % هامش ربح بالنسبة إلينا، وهكذا يتم حساب السعر.

وهل يحدث ألا تحقق الشركة أرباحاً؟

نعم هذا أمر طبيعي، إلا أنه علينا في بعض السنوات أن نقوم باستثمار المزيد من رأس المال لشراء آلات جديدة وغير ذلك. ولكن إجمالاً فإننا نقوم بعمل جيد، لكننا لا نستطيع تحمل إنفاق المزيد على هوامش التجزئة أو الإعلانات. وفي بعض الجوانب لدينا حرية أكبر من العلامات الكبيرة، ولكنننا في جوانب أخرى أكثر تقييداً.

هل يمكن أن تخبرنا كيف تم تصميم وتطوير ساعات “أوغسطوس”؟

جاء إلهام ساعة “أوغسطوس” من أحد زبائننا، وكانت مشكلته أنه لا يستطيع تذكر أعياد الميلاد وأعياد الزواج، وغير ذلك من المناسبات السنوية الخاصة بعائلته. وكان الطلب هو أن نقوم بصنع شيء مماثل للتقويم الذكي الذي أنتجته “أبل”، ولكن على منصة ميكانيكية. ولما يقرب من عام ونصف العام، كنت أقلب الأفكار لكيفية تقديم هذه الساعة، والتي سيأتي فيها الجانب الميكانيكي لاحقاً. وكان السؤال هو كيف أعرض العمر، والعام، إلى آخر ذلك؛ على وجه الساعة. وقد استغرق الأمر منا ثلاث سنوات لتطوير هذه الساعة.

والآن يمكن للزبون أن يمدنا بـ12 حدثاً أو مناسبة؛ أعياد زواج، أو أعياد ميلاد، أو تواريخ تأسيس شركات.. إلى غير ذلك. وبمجرد إدخال هذه التواريخ، سيحصل على تذكير بها على ميناء الساعة. ولأننا نستخدم زراً واحداً وتاجاً واحداً فقط لإدخال هذه البيانات إلى الساعة، فإن تصنيعها أمر معقد. فالتاج يتضمن 5 أوضاع مختلفة؛ ضبط الوقت، أو التاريخ، أو المناسبة، أو تعبئة الساعة، وهكذا. وأكثر الوظائف تعقيداً في هذه الساعة، هي كيفية حساب عمر الشخص في أي سنة. وبسبب هذا التعقيد بإمكاننا تصنيع ساعة “أوغسطوس” واحدة في السنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى