لقاءات

أورويرك: النشأة.. الأشكال.. التصاميم

تحتفل علامة الساعات الراقية المستقلة أورويرك هذا العام بيوم ميلادها الخامس والعشرين، وقد أتيحت لمجلتنا الفرصة للقاء مارتن فراي – كبير المصممين والمؤسس الشريك لـأورويرك – عشية الذكرى السنوية لتأسيس الشركة، ليحدثنا عن كيفية انطلاق هذه العلامة المبتكرة، وعن آليات الحركة التي تبدعها أورويرك، والكيفية التي تتفاعل بها أشكال وتصاميم إبداعاتها.

في البداية.. هل يمكن أن تخبرنا عن المرة الأولى التي التقيت فيها فيليكس بومغارتنر، صانع الساعات الرئيس والمؤسس الشريك لـأورويرك؟

كان ذلك قبل زمن طويل، عندما كنت أدرس الفن في لوسيرن، حيث التقيت توماس شقيقه أولاً، ثم لاحقاً التقيت فيليكس. في ذلك الوقت كان فيليكس لا يزال شاباً صغيراً، وكان قد بدأ لتوه الدراسة في مدرسة صناعة الساعات في بلدة سولوتورن. وكلا الشقيقين كان مهتماً بصناعة الساعات، وهذا ليس غريباً إذا علمنا أن أباهما كان لديه مشغل لصناعة الساعات. وقد أجرينا نقاشات مطولة حول الزمن، وحينئذ كنت أقوم بعمل مونتاج للأفلام وكنت مفتوناً بفكرة قياس الزمن. ثم قررنا حينها أننا ينبغي أن نعمل معاً لابتكار طرق جديدة لقياس الزمن. وبعد ثلاث سنوات من ذلك الوقت، عندما كان توماس يعمل في دار جاكيه درو، وكانت دور صناعة الساعات الأخرى التي كانت بدورها لها أفكارها المجنونة حول قياس الزمن – تمثل مصدر إلهام له؛ عاد وأخبرني عن آلة قياس الزمن التي لا نزال نعمل بفكرتها.

وفي أي عام كان ذلك؟ وهل كان المونتاج الرقمي ممكناً حينذاك؟

كان ذلك في عامي 1995-1996، ولم يكن هناك وجود للمونتاج الرقمي. كان الأمر يتم باستخدام أشرطة يو-ماتيك U-Matic، والعمل على آلات كبيرة الحجم. ووقتها تعرفت على تصميم لساعة لا تشابه في الواقع أي ساعة أخرى. فأنت عندما تنظر إلى الأشياء بعينيّ فنان، فإنك تنظر إليها بشكل مختلف.

وكيف يشارك توماس في الشركة الآن؟

توماس كان عضواً مؤسساً، لكنه عانى من مشاكل صحية فلم يعد نشطاً في أعمال الشركة. وقد ترك العمل في الشركة لمتابعة مشروعاته الخاصة.

هل كانت الحركة الأولى للشركة حركة مدارية دوّارة؟

نعم، وكانت مستوحاة من ساعة كامبانوس نايت الليلية من القرن السابع عشر، والتي قام بصنعها مجموعة من المهندسين. فقد طلب منهم بابا روما في ذلك الوقت أن يقوموا بتطوير وصنع منظومة حركة شديدة الهدوء، مع مؤشرات زمنية سهلة القراءة أثناء الليل. وقد أصبحت ساعات الطاولة الليلية التي صنعها بييترو تومازو كامباني ذائعة الشهرة، وكانت تتميز بنصف دائرة تتضمن قبة زرقاء تشبه السماء، وتتنقل داخلها أرقام الساعات مثل جرم سماوي. وقد جعلني هذا أفكر في الأقمار الصناعية؛ المدارية، حيث كان اسم سبوتنيك يحتل عناوين الأخبار، والذي كان قمراً صناعياً يدور حول الأرض.

من الناحية المالية، كيف تمكنتم من ابتكار أولى ساعات الشركة؟

كان فيليكس وقتها يعمل مع شركة ڤاشرون كونستانتين، لذا كانت لديه وظيفة تؤمن له كسب المال. كما بدأ العمل على إبداعنا الأول. أما توماس فكان جيداً جداً في إقناع الناس بالإيمان بـأورويرك. كان ذلك كله في البدايات، حيث كان علينا ابتكار ساعة ثم العثور على من يعجب بها.

إلى أي مدى كان من الصعب إقناع الناس بالإيمان بكم، في الوقت الذي كنتم من أوائل العلامات المستقلة التي تصنع ساعات تقيس الزمن بطريقة مختلفة؟

كان الأمر صعباً للغاية في البداية؛ فلم يكن لدينا المال وكان علينا أن نبدأ من الصفر. وبما أنني كنت ضمن فريق التصميم، فلم أكن منخرطاً في الأمر بشكل مباشر. لكن كان على الأخوين بومغارتنر أيضاً إنشاء ورشتهما. وقد بدأنا بسلسلة صغيرة من الساعات، كما كان علينا إقناع أشخاص مثل السيد روتشيلد. ومن ناحية أخرى، ولأنك تقيس الزمن بشكل مختلف فإنه من الصعب إقناع الناس بما تقوم به. إلا أنه في المقابل، ولأنها فكرة غير مسبوقة فإن الناس يكونون أكثر رغبة واستعداداً لمساندتك، فهناك قدر معتبر من حسن النية تجاه الأفكار الجديدة، خصوصاً أن الأخوين بومغارتنر ينتميان إلى عائلة من صانعي الساعات، فجدهما كان صانع ساعات وكذلك والدهما.

من كان زبونكم الأول؟

كان أول زبون لنا صديقة لوالدة فيليكس. كنا نقوم بصنع ساعة، وعندما تُباع ونحصل على بعض المال نقوم بصنع إبداعنا التالي. كان يجب أن يكون لدينا كتالوج لعرضه على الناس، وكان علينا فهم ما هو ضروري ثم نقوم بعمله. وببطء، فإن تحقيق شيء كان يؤدي إلى تحقيق الشيء التالي، وتمكنّا من تدبير الأمر، لكنه كان في البداية أمراً صعباً للغاية.

بعد ذلك انتقلت إلى الولايات المتحدة، لأن الوقت كان قد حان لبدء مسيرتي المهنية الفنية. لم أكن أخطط أن أصبح صانع ساعات، أو جزءاً من شركة لصناعة الساعات. كنا نلتقي من حين إلى آخر – في نيويورك أو في سويسرا عندما رجعت. في ذلك الوقت كان الفن هو مسعاي الرئيسي، بينما صناعة الساعات لم تكن أكثر من مجرد هواية، في حين أن توماس وفيليكس كانا أكثر انخراطاً في صناعة الساعات. بعد حادثة 9/11 في نيويورك، عدت إلى سويسرا وبالتدريج انخرطت بشكل أكبر في عمل الشركة.

كيف أثرت عودتك إلى سويسرا في عمل أورويرك؟

أصبحنا قادرين على الاجتماع كثيراً، والتركيز بشكل أكبر على مشروعاتنا. أصبحت الشركة جزءاً أكثر أهمية من حياتنا.

بالعودة إلى الوراء، ما هي في رأيك الأحداث التي تمثل معالم في تاريخ أورويرك؟

أنا متأكد من أن هناك لحظات معينة يمكن التفكير فيها باعتبارها معالم، لكنني أعتقد أن الأمر كان بمثابة تطور طبيعي للأشياء. فبعض الأمور التي تكون ضئيلة الأهمية عند حدوثها – مثل بعض القرارات الصغيرة التي نتخذها – قد تؤدي أحياناً إلى تغييرات كبيرة، أو توجه خطواتنا في اتجاه مختلف من الحياة. قطعاً كان قراري بالعودة إلى سويسرا تغييراً في قواعد اللعبة بالنسبة إلى أورويرك، لكن بدءنا العمل على مشروع أوبوس 5 Opus 5 كان لحظة حاسمة بنفس القدر بالنسبة إلى أورويرك.

هل عملت أورويرك مع هاري ونستون في مشروع Opus 5؟

نعم، بالفعل، وكان ماكسيميليان بوسير، الذي كان وقتها الرئيس التنفيذي لـHarry Winston Rare Timepieces، هو الذي طلب منا العمل على مشروع Opus 5. فقد كنا بالفعل نعمل على عدد محدود من المشروعات الصغيرة لصالحه.

كانت ساعة أوبوس 5 تتمتع بوظائف أكثر من معظم ساعات أورويرك الأخرى التي تم إصدارها لاحقاً؛ لماذا؟

عندما طلب منا ماكس العمل على ذلك المشروع، كانت لدينا فكرة معقدة تُسمى Time Bandit أردنا العمل عليها، لكن للأسف لم نتمكن من ذلك حتى الآن. كانت لتلك الساعة رافعة (عتلة) على جانبها، وعندما تقوم بسحب الرافعة كانت هناك تروس ستتوقف عن الحركة في الوقت المناسب، مثل إنسان آلي. كانت تلك إحدى أفكار توماس، لكن كانت لديه فكرة غير واضحة عن كيفية تجسيدها. إلا أن هذا لم يكن شيئاً لدينا القدرة على العمل عليه في ذلك الوقت. بدأ توماس الفكرة، لكنها لم تنجح.

كنا يائسين وبحاجة إلى العمل على شيء ما؛ فخطرت لي فكرة العمل على شيء له علاقة بالمكعبات. خططنا لإصدار ساعتين؛ إحداهما ساعة بحجم صغير والأخرى أكبر حجماً وأكثر سمكاً. ثم كانت موديلات UR-200 خطواتنا التالية، لكننا كنا بحاجة إلى ابتكار شيء من أجل مشروع أوبوس، وهكذا قمنا بدمج هذه الموديلات مع مشروع أوبوس 5.

وبهذا وضعت أوبوس 5 علامة أورويرك في دائرة الاهتمام؟

نعم، هذا صحيح، ولكن كانت لدينا أيضاً ساعة UR-103 جاهزة بحلول ذلك الوقت – وهي ساعة مثيرة للاهتمام لأنها تحتوي على لوحة تحكم على الجهة الخلفية؛ فكان لدينا مؤشرات الزمن على الجهة الأمامية، كما كان لدينا هذا المظهر الرائع الأنيق للجناح. وبينما صُدم الناس بتصميم أوبوس 5، فعندما شاهدوا UR-103 أدركوا أن هذا شيء يمكنهم التعامل معه. ومنذ ذلك الوقت تقريباً بدأ الناس يتعاملون مع شراء ساعات أورويرك بشكل جدي.

وهذا هو السبب في أن أوبوس 5 كانت تحتوي على جميع المؤشرات التي خططنا أن تحتويها ساعتنا الخاصة؛ مثل مؤشر النهار والليل، واحتياطي الطاقة، ومؤشر الصيانة، والدقائق الارتدادية (الارتجاعية)، وما إلى ذلك. فقد استخدمنا تلك الساعة – أوبوس 5 – لاستكشاف قدراتنا وإظهار ما يمكننا فعله.

قامت أورويرك أيضاً بالتعاون مع علامات أخرى – في ابتكار الساعات ولاحقاً في مشروعات أخرى مثل مشروع Macallan x URWERK Flask.. لماذا؟

بالتأكيد، فهذه هي نوعية الأسئلة التي تطرحها على نفسك، هو نوع من التقاطع بين مجالي عمل.. تسأل نفسك: ماذا سيحدث إذا التقيت مع شركة تصنع نوعاً آخر من المنتجات؟ فعندما تدمج شيئين مختلفين تماماً عن بعضهما البعض، بحيث لا يوجد بينهما أي شيء مشترك، ستحصل على شيء ثالث؛ قد يكون شيئاً شعرياً أو فنياً. وقد عملت أورويرك على مشروعات تعاون مع علامات من خارج صناعة الساعات، إضافة إلى أصدقاء من داخل الصناعة كما هو الأمر بالنسبة إلى ساعة مزاد أونلي واتش.

ما هو مدى صعوبة دمج الأفكار التقنية مع تصميم الساعة؛ أيٌّ من هذين يملي رأيه على الآخر؟

الأمر ليس صعباً على الإطلاق، وهذا شيء تعلمته من والدي والذي كان مهندساً. ففي وقت ما كان يعمل مع نفس الفريق الذي عمل سابقاً على تصميم وحدة الهبوط فوق سطح القمر. وقد زرت مكان عمله كثيراً، فوجدته على النقيض تماماً من عالم الفن. وقد أطلعني هذا على عالم المواد وكشفه أمامي، وهو العالم الذي لا يزال شديد الأهمية بالنسبة إليّ. وبسبب والدي فأنا على دراية بعالم المهندسين. ففي الوحدة القمرية يتبع الشكلُ الوظيفةَ؛ هو يبدو غريباً بعض الشيء وبشكل أساسي يغطي الماكينة الموجودة في الداخل. أما الساعة في المقابل فهي لا تغطي ما في داخلها فحسب، بل لها أيضاً وظائف أخرى. كما يجب أن تكون مريحة حول المعصم، وتمثل شخصية مرتديها، وأن تبدو جذابة.

هل يعتمد مستقبل إبداعات أورويرك على المؤشرات المدارية الدوّارة؟

إنه عمل مستمر، خطوة بخطوة، حيث نعتمد أدوات أو أفكاراً جديدة للعب بها. فعلى سبيل المثال، كان عالم الإلكترونيات هو مصدر إلهام مشروع EMC. فنحن ننظر إلى ما هو حولنا وندمج ذلك في إبداعاتنا.

هل كنت تعتقد عندما أطلقتم العلامة لأول مرة أن أورويرك ستكون على ما هي عليه اليوم؟

لا، من الطبيعي أن يبدأ الإنسان عمله بقليل من الخبرة، والكثير من التفاؤل، والجرأة على القيام بالأمور. فإذا بدأت من الصفر، عليك أن تنمو بثبات، ودع الأمور تأخذ وقتها في التقدم والتطور، وإذا كنت محظوظاً ستسير الأمور على ما يرام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى