لقاءات

بانيراي.. الموازنة بين الابتكار والتصميم القوي

أثناء الزيارة الأخيرة إلى مصنع “بانيراي” في نوشاتال، أتيحت لنا الفرصة للقاء جيروم كاڨاديني، الرئيس التنفيذي للعمليات في “أوفيتشيني بانيراي”؛ حيث أجرينا معه حواراً مطولاً حول جذور العلامة، والمواد الجديدة، وتلبية توقعات عشاق إبداعات العلامة.

“بانيراي” هي علامة ذات تاريخ وهوية مميزين، كيف ترى الخطوات المستقبلية بالنسبة إلى العلامة من دون المساومة على جذورها؟

هذا هو الجزء الصعب في الأمر، حيث يجب علينا – كعلامة كبرى في هذه الصناعة – أن نطرح كل عام إصدارات جديدة مثيرة للاهتمام – إصداراتنا الجديدة الثابتة – في الوقت الذي ينبغي أن نكون فيه أوفياء لهويتنا الأصلية. لذا، فإنه بالنسبة إلينا فإن بعض المناطق خارج الحدود تماماً، ونحن نتجاهلها لأننا لا يمكننا حتى التفكير فيها. ومن ناحية أخرى، لدينا زبائن يتوقعون منا دفع حدود الابتكار لنقدم مواد جديدة. وكل ما فعلناه في الماضي ونواصل فعله اليوم هو لمحاولة إيجاد التوازن الصحيح بين الابتكار والتصميم القوي للغاية. وإذا فكرنا في بعض التعقيدات أو الحركات لتتضمنها الساعة، فإنه يجب دائماً أن يكون واضحاً أن الساعة هي ساعة “بانيراي”؛ مثل شيء يمكنك التعرف عليه على بعد أمتار.

بما أن العلامة لديها جذور تاريخية قوية، هل واجهتكم أي صعوبة في إحداث تغيير يمكن أن يُنظر إليه على أنه غير ملائم للعلامة؟

نعم، بالفعل نشعر أن التغيير يمكن أن يكون مصدر خطر محتمل بالنسبة إلى العلامة، لكنك أيضاً يجب عليك أن تستبق ما قد يتوقعه الزبون منك. فقد اعتبرنا إطلاق ساعة Luminor Due أمراً “محفوفاً بالمخاطر”، لأننا كنا نقدم “موديلات مسطحة”. ومن الصعب جداً توقع ردود فعل الزبون؛ فلدينا بعض الزبائن أخبرونا أنه كان من الصعب جداً ارتداء ساعاتنا تحت القميص، ولذلك فهم يرغبون في ساعة تلائم معاصمهم الصغيرة بشكل أفضل. وقد اعتبرنا الأمر بمثابة تحدٍ وحاولنا تجربة تصاميم مختلفة، وقد كانت أعمال التصميم رائعة حقاً، وقمنا بصنع الكثير من النماذج الأولية حتى وصلنا إلى اللحظة التي شعرنا فيها بأن الساعة ملاءمة. إنه أمر محفوف بالمخاطر بالفعل، لكن إذا خصصت الوقت الكافي للقيام بذلك بشكل جيد، سيمكنك النجاح.

لماذا تطلقون على هذا العام “عام صبمرسيبل”؟

جان-مارك بونترويه، الرئيس التنفيذي للعلامة، أخبرنا أنه عند مستوى معين أدرك أن العلامة تغادر منطقة عالم تحت الماء، والتي كانت تخصصنا منذ البداية. حيث إن ساعات “بانيراي” الأولى كانت تُصنّع لصالح قوات البحرية الملكية الإيطالية. وقد شعر أن هناك علامات أخرى تقتحم أراضينا، وأول ما أراد فعله هو استعادة أرضنا. ومن ثم كان علينا العودة سريعاً من خلال مواد جديدة، بما في ذلك الذهب، وأحجام جديدة كذلك.

ما مدى أهمية المواد الجديدة بالنسبة إلى العلامة، بالنظر إلى أنكم قمتم بالكشف عن عدد من المواد الجديدة؛ مثل BMG وCarbotech؟

مهمة للغاية؛ فبالنسبة إلى فرق التصنيع وفرق البحث والتطوير، يُعد الابتكار في المواد أمراً أساسياً. فالفولاذ والتيتانيوم استُخدما لقرون، نعم يمكنك تطويرهما وتحسينهما قليلاً، ولكنهما سيظلان في نفس المرتبة في جدول مندلييڤ الدوري للعناصر، فلن ينتج عن التطوير عنصر أو مادة جديدة. لكنك إذا نظرت جيداً إلى جدول مندلييڤ، يمكنك مزج الكثير من المواد معاً، وهذا ما تقوم به صناعات السيارات والطب الحيوي بشكل جيد بالفعل، لتلبية جميع احتياجاتنا في المجال الطبي ومجال النقل.

وقد اقتنعنا منذ فترة أن الكلمة الأخيرة في ما يخص المواد لم يتم قولها بعد. أطلقنا قبل أربع سنوات برنامجاً يتضمن إرسال بعض الأشخاص إلى دول عدة؛ مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة، للبحث عن أفضل الشركات القادرة على توفير مواد جديدة. ونتيجة لذلك، توصلنا إلى عشر مواد رغبنا في الاستثمار فيها، وهذا ما فعلناه. وكانت تلك المواد هي BMG – أحد أكثر هذه المواد صعوبة – وCarbotech وDLMS- الطباعة المادية ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى عدد آخر من المواد. اثنتان من تلك المواد فشلت عملية إنتاجهما، وقد أعلمنا جان-مارك بأن النتائج لم تكن مرضية، وقد تقبل هو الأمر. أيضاً كان علينا إقناع فريقنا المالي بأنه من الناحية المالية يجب علينا قبول الخسارة أحياناً. وإذا كنا عملنا على عشر مواد، فإن خمساً منها يمكن أن تنجح، في حين أن الخمس الأخرى ربما تفشل.

كان ذلك تقليداً جديداً في مجال صناعة الساعات؛ وما يرغب فيه حملة أسهمنا هو أنهم حينما ينفقون درهماً فإنهم يريدون درهماً آخر على الأقل في المقابل. لكن هذا ليس ممكناً دائماً، فالفشل جزء من عملنا. وقد قام جان-مارك بزيادة ميزانيتنا المخصصة للابتكار بشكل كبير، بما في ذلك بعض الأفكار التي ستوضع على قائمة التنفيذ. وهذا جيد لأنه لا يوجد شيء رائع ينتج عن أمر عادي، إذ يجب عليك أن تسلك بعض الطرق الأقصر أو أحياناً الأطول، ولكن في النهاية ستحصل على مواد جديدة.

ما هي معايير اختيار مادة معينة؟

أول هذه المعايير هو المقاومة؛ بما أن هوية علامتنا متجذرة في ما يتعلق بالحياة العسكرية وما يرتبط بها من قوة ومتانة. أما ثاني هذه المعايير فهو الوزن، وبما أن قطر ساعاتنا هو 47 ملليمتراً؛ فإن بعض الزبائن يتوقع أن تكون الساعة أخف وزناً من الفولاذ أو التيتانيوم. وخفة الوزن أمر ضروري حقاً، ولذلك نعمل على سبائك أخرى من عائلة التيتانيوم؛ حيث إن وزن الساعة هو أمر نركز عليه بالفعل.

كيف تتعاملون مع حقيقة أن “بانيراي” لديها عشاق لإبداعاتها يشكلون ما يمكن أن نسميه “طائفة”، وهؤلاء يكونون في بعض الأحيان أكثر معرفة ودراية بالعلامة من موظفيها أنفسهم؟

هذا صحيح تماماً، وهذا ما يمكن تسميته بأنه عالم موازٍ، وهذا الموقف أو السلوك من جانب هؤلاء هو أمر يحرص الرئيس التنفيذي للعلامة على تشجيعه. فقد أخبرنا قبل عام ونصف العام بأننا ينبغي أن نعيد التواصل معهم، ليس فقط من خلال فتح أبوابنا أمامهم، ولكن أيضاً من خلال السماح لهم بتنظيم شبكاتهم ومجتمعهم. وقد كان من الضروري بالنسبة إلينا أن نشعرهم بأنهم جزء منا وأننا جزء منهم، حتى لو كنا بعيدين عن بعضنا البعض تماماً. ونحن نرحب بهم كثيراً في مصنع العلامة، وبعض من زوّارنا هم من “البانيرايين”، ويمكنهم الانضمام إلينا هنا لزيارة المصنع.

ومؤخراً طرحنا جواز مرور، وبهذا الجواز يمكن لهؤلاء الدخول بكل حرية إلى مباني مصنعنا في نوشاتال، ويخت “إيليان”، وبوتيك فلورنسا. والفكرة من وراء ذلك هي الترحيب بهم، والسماح لهم بالحصول على جزء صغير من تاريخ العلامة في ما يخص التطوير، حيث يمكننا إبراز بعض الإصدارات والأفكار الجديدة لهم وتسليط الضوء عليها. وقد التقاهم جان-مارك مؤخراً في أمستردام، وأخبرهم ببعض عناصر ما سيحدث في المستقبل. وهذه الجماعة شديدة الأهمية بالنسبة إلينا؛ لأننا العلامة الوحيدة التي يتكون فريق التسويق الخاص بها من 32 ألف شخص.

هل تعتقد أن مثل هذا النوع من المعجبين المتعصبين قد يكون له رد فعل عكسي إذا لم تعجبه أي تغييرات قد تقدمها العلامة؟

من الممكن أن يحدث هذا، فقد نخيب ظنهم إذا فعلنا شيئاً أقل من المعايير التي يتوقعونها منا؛ وهذا من المحتمل أن يثير رد فعل سلبياً. فأنا قد انضممت إلى الشركة قبل ثماني سنوات، ومنذ ذلك الحين نتلقى بعض ردود الأفعال والتعليقات السلبية، على مواقع التواصل الاجتماعي، من حين لآخر، لكن لا شيء خطيراً. فمن حق كل فرد أن يكون له رأيه، ويجب علينا أن نحترم ذلك.

ما هو التحدي الأكبر الذي تواجهه العلامة حالياً من وجهة نظرك؟

التحدي الأول هو تطوير إنتاجنا وفي الوقت نفسه أن يكون متسقاً من حيث التصميم، والثاني أن تجارة التجزئة هي أمر نود التركيز عليه؛ لأننا مقتنعون بأن هذه هي الطريقة الأفضل للترويج للعلامة، ولفكرة كونها استثنائية بالفعل. أما التحدي الثالث فهو التخصيص، أو إضفاء الطابع الشخصي، وهذا التخصيص يُوجد بشكل أكبر في قطاع الساعات الأكثر رقياً، ولكننا سنوفر التخصيص أيضاً في قطاع الساعات العادية. لدينا عدد من طلبات التخصيص، وعلينا أن نضمن تنفيذ التخصيص بشكل دقيق، وإن كان يجب أن يكون دائماً وفياً لهوية العلامة. فعلينا أن نفكر في كيفية القيام به، وفي القيود التي سنضعها عليه، وكذلك تنفيذه.

منذ عدة سنوات تقوم “بانيراي” بطرح ساعات معقدة كل عام؛ فهل سيستمر هذا الأمر؟

نعم، فلدينا فريق يعمل على هذا القطاع من المنتجات. وكما تعرف، فإن الأمر يستغرق أعواماً، حيث لا يمكننا طرح ساعة فائقة التعقيد كل عام وآخر. فقد أصدرنا ساعة التوربيون في العام 2007، وكانت ردود الفعل جيدة. وكانت المفاجأة أننا واصلنا بيع كمية جيدة من ساعات التوربيون كل عام، ولذا قررنا تطوير هذا القطاع. كذلك حققت الساعة الدقاقّة (مكرر الدقائق) نجاحاً. لدينا معجبون، وزبائننا شديدو الإخلاص يتوقعون منا منتجات تدهشهم، وفضلاً عن هذا يمكن أيضاً تخصيصها بشكل كبير. والأمر في حقيقته مزيج بين التعقيدات الكبرى والساعات الفريدة التي نعمل عليها حالياً.

“بانيراي” التي كانت تُعرف في البداية بأنها علامة للساعات الرجالية، صارت لديها في السنوات الأخيرة إصدارات نسائية. فهل حقق هذا الأمر نجاحاً؟

الإجابة على هذا ليست ضمن مجال اختصاصي، لكن بشكل عام فقد تم تصميم كل من ساعة Luminor Due  البالغ قطرها 38مم، وساعة Radiomir ذات القطر البالغ 42مم؛ لتناسب المعاصم الصغيرة. ومن المعروف أن المعاصم النسائية من بين المعاصم الصغيرة. لكن الفكرة كانت طرح إصدار يلبي توقعات الصينيين، فكما تعرف أن معاصم الصينيين أصغر قليلاً من مثيلاتها الأميركية أو الأوروبية، وكان هذا هو سبب إصدارنا تلك الساعة، لكننا كنا مدركين أن مثل هذه الساعة من المحتمل أن تثير اهتمام النساء، وبالفعل أخذ النساء يشترين هذه الساعة. وتثبت إحصائيات المبيعات الخاصة بنا، أن النساء يعتبرن “بانيراي” بديلاً. وهذا هو سبب أن لدينا حالياً أحزمة وأقراصاً ملونة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى