لقاءات

بولغري.. الطريق إلى المجد

في السابع من شهر نوڨمبر الماضي، منحت مسابقة “جائزة جنيڤ الكبرى لصناعة الساعات” (GPHG) العالمية المرموقة؛ دار الساعات الفاخرة الإيطالية العريقة “بولغري”؛ جائزتين: الأولى هي “جائزة أفضل ساعة كرونوغراف” عن ساعة “أوكتو فينيسيمو كرونوغراف جي إم تي أوتوماتيك”، والأخرى هي “جائزة أفضل ساعة مجوهرة” عن ساعة “سيربنتي ميستريوزي روماني”. في هذا الحوار يحدثنا أنطوان بين، المدير العام لوحدة أعمال الساعات في “بولغري”؛ عما يعنيه الفوز بهاتين الجائزتين بالنسبة إلى الماركة..

كيف كان شعور “بولغري” كعلامة عندما فازت مؤخراً بجائزة في مسابقة GPHG، وللمرة الثالثة على التوالي؟

أول شعور كان هو الإحساس بالتشجيع، وقد أحسسنا أيضاً – بالتأكيد – بالتواضع والشرف. لكن ما وجدته مؤثراً حقاً كان هو الإحساس بالتشجيع الآتي من تلك القاعة المليئة بالناس.. عليك بالفعل رؤية رد فعل الحاضرين تجاه الجوائز والعلامات التي فازت بها. فعندما تم إعلان اسم “بولغري”، كانت الكلمات الرقيقة لهيئة التحكيم وردود أفعال الناس أمراً عظيم الإيجابية. فأولئك كانوا سعداء جداً بفوز “بولغري”، وهذا ما نعده تقديراً هائلاً للدار. أما الرسالة التي تلقيناها فكانت هي أن الجائزة مستحقة بجدارة، وأن ذلك لم يكن نتيجة أصوات هيئة التحكيم فقط، وإنما أيضاً نتيجة أصوات الجمهور.

الطريقة التي نرى بها الأمر، هي أن هذا تشجيع حقيقي للمضي قدماً. وهناك أسباب منطقية قوية لمنحنا الجائزة، لكن هناك الكثير من التعليقات التي تتجاوز تلك الأسباب المنطقية؛ حول الجماليات، والإنجازات التقنية، والانطباعات، وما إلى ذلك. وقد سمعت عدداً من التعليقات حول كيفية اتخاذ القرار، وتشمل هذه التعليقات التعليق الخاص بإلى أي مدى نحن جيدون كشركاء بالنسبة إلى موردينا، أو ذلك التعليق حول كيف أننا دائماً لطفاء جداً. فإلى جانب الجائزتين، كانت هناك بيئة إيجابية لصناعة الساعات العالمية. وكما قلت كان ذلك أمراً مؤثراً للغاية، يرافقه شعور بالفخر، ولكن بالنسبة إلينا، فإن الأمر كذلك يستدعي هذا السؤال: “وماذا بعد؟ وكيف نتفوق على أنفسنا؟”.

لديكم بالفعل كعلامة آلية الكرونوغراف الأكثر نحافة، وتعقيدة التوربيون الأكثر نحافة، والحركة الأوتوماتيكية الأكثر نحافة.. ما الذي يتبقى إذن؟

يمكننا التنويع على فكرة الوظائف المتعددة المرتبطة، حيث يمكننا العمل على أشياء مختلفة. ويمكننا أيضاً دفع الحدود إلى أبعد من هذا، ما يطرح السؤال حول إلى أي مدى يمكننا أن نذهب. فإذا كنت تفكر في إنشاء ساعة فاخرة، فإن هذه تماماً هي الحالة الذهنية التي كان عليها شخص مثل بريغيه عندما أبدع تعقيدة التوربيون. حيث كان يعمل ضد قوة الجاذبية؛ فهو كان مهندساً وقرر أن يتحدى قيود الجاذبية. وهكذا أدخل هذا الابتكار الرائع إلى عالم صناعة الساعات؛ ما جعل ساعات الطاولة وساعات اليد التي قام بتصنيعها تعد – بشكل أساسي – مثل أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالعصر الذي كان يعيش فيه. ما يعيدنا إلى السؤال حول إلى أي مدى يمكننا أن نذهب؟

ويمكننا استلهام أوجه الشبه في القرن الحادي والعشرين، بين ما قد حققناه من خلال “أوكتو فينيسيمو”، وما تم إنجازه من خلال استخدام المعالجات والشرائح فائقة الصغر. وهذا شبيه بقانون “مور” الذي ينص على أنه يمكنك تصغير السعة لمعالجة إحدى الشرائح، وأنه يمكنك مضاعفة ذلك مرتين لزيادة سعة المعالجة كل 18 شهراً. وهذا يُظهر إلى أي مدى يمكننا الذهاب؛ حيث يرغمنا ذلك على العودة إلى فلسفة مؤسسي صناعة الساعات الحديثة. فهل تمكنّا من تصنيع الأكثر نحافة، أي الإمكانية الأكثر نحافة للحركة؟ أو أننا يمكننا الوصول إلى ما هو أكثر نحافة؟

منذ العام 2014، انتقلت “بولغري” من كونها مصنّعة ساعات نسائية إلى تصنيع ساعات رجالية، وأصبحت تقوم بتصنيع ساعاتها بالكامل داخلياً؛ فإلى أي مدى كانت صعوبة تحقيق ذلك؟

في المراحل الأولية، كنا في الأطوار الأولى لصناعة الساعات، وربما كان التفكير المبدئي داخل “بولغري” هو أن تكون شركة مصنّعة ومجموعة صغيرة، ضمن فئة العلامات الراقية. لاحقاً، صارت الروابط بين العلامة والورشات الصغيرة أقوى، وربما هذا ما أدى إلى التفكير في أننا يمكننا القيام بالمزيد بالنسبة إلى الساعات الرجالية. حيث كان لدينا بالفعل زبائننا الرجال، ولم يكن لدينا الكثير لنقدمه لهم باستثناء الساعات الرياضية، وهو شيء جيد ولكن يمكننا فعل المزيد. وما بدأ كتعاون، انتهى بالورشات إلى أن تقوم بإنتاج المزيد والمزيد لصالح “بولغري” وحدها، وهذا ما أدى إلى الاندماج النهائي الذي حدث بمرور السنوات. وقد استغرق الأمر منا بضع سنوات للانتقال من بعض الخبرة في إنتاج الوظائف أو الأجزاء الارتجاعية (الارتدادية) وما إلى ذلك، إلى إنشاء عملية التصنيع الخاصة بنا. وكانت لحظة الحقيقة بالنسبة إلينا هي ميلاد ساعة “أوكتو فينيسيمو”، والتي كانت حدثاً فارقاً بالنسبة إلى العلامة، وحققت لنا شهرة وتقديراً عالميين؛ حيث ترمز هذه الساعة إلى الجوهر الحقيقي لعلامة “بولغري”؛ وذلك لأنه تم تصور التصميم والحركة معاً.

استخدمت “بولغري” الكثير من المواد الجديدة لتصنيع ساعاتها؛ مثل الصفير، والسيراميك، والكربون.. فهل يعني هذا أن العلامة أكثر انفتاحاً على استخدام المواد الجديدة؟

أعتقد أننا كنا دائماً منفتحين على الأفكار والمواد الجديدة؛ مثل الألمنيوم الذي استخدمناه قبل 20 عاماً، والذي كان أمراً ثورياً جداً في ذلك الوقت. ما يجعلنا مختلفين هو خلفيتنا وخبرتنا كصانعي مجوهرات؛ فعلى سبيل المثال قمنا – كصانعي مجوهرات – بتصنيع مجوهرات باستخدام الخزف. فنحن لدينا هذه الثقافة الخاصة بتجربة الأشياء الجديدة، ونحن ننظر إلى المواد الجديدة من ناحية الأداء، والجماليات، وما إلى ذلك. وبالطبع، فإن الجماليات تتوافق دائماً مع الناحية الوظيفية.

أين ترى مجموعتي “أوكتو” و”سيربنتي”، وهما واجهة خطوط الساعات النسائية؛ في المستقبل القريب؟

رغم كوننا علامة كبيرة، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من المناطق والزبائن علينا إقناعهم وتقديم هاتين الأيقونيتين لهم. فمهمتنا هي جعل هاتين المجموعتين معروفتين وظاهرتين أمام الجمهور. إنها قصة طويلة، فالأمر يستغرق سنوات وسنوات لفرض فلسفتنا وإظهار اختلافنا. وأنا أؤمن بأن منتجاتنا قوية بما يكفي لإحداث تأثير، ولكننا بحاجة إلى التأكد من أنها معروضة ومشاهدة، وأنها تتم تجربتها، وأن قصصها تُروى. وكل من هذين المنتجين – “أوكتو” و”سيربنتي” – يدفعنا إلى المضي قدماً، من ناحية الجودة والمواد المستخدمة كذلك. ومادامت هاتان المجموعتان توفران لنا الإلهام لاستكشاف المزيد، فإن لدينا الكثير من الخيارات لاستكشافها في هذين الخطين.

هل يقلقكم العمل من دون هوامش للخطأ عندما تعملون على الساعة الأكثر نحافة؛ لأنه حتى أدق اختلاف يمكن أن يؤثر في الموثوقية والجودة؟

نعم، بالتأكيد ينبغي أن يقلقنا هذا؛ لأننا إن لم نقلق فإن ذلك يعني أننا متفائلون بشكل مبالغ فيه. فعندما نتحدث عن عملية البحث والتطوير والتحديات؛ فهناك أسئلة حول المتانة وحماية الحركة؛ للتأكد من أن هذه الحركات قادرة على مقاومة الصدمات، وأن لديها نفس معايير قابلية الارتداء مثل الساعات الأخرى.

وهذا يعني أن عملية البحث والتطوير الخاصة بنا، لا يجب أن يتم إجراؤها فقط على الحركة، ولكن أيضاً على العلبة، وعلى تقنيات بناء الساعة نفسها بالكامل. فإذا قمنا بتصنيع الساعة لتكون أكثر نحافة، يجب علينا التأكد من أن العلبة فائقة الامتصاص للصدمات، للتأكد بالتالي من وجود أقل قدر ممكن من الاهتزاز داخل العلبة، وذلك بالطبع ما يثير المزيد من الأسئلة. ولأن الساعة شديدة النحافة ومريحة في الارتداء، فقد ينسى الناس أنهم يرتدونها ويستخدمونها في جميع الظروف والأحوال، ما ينتج عنه الكثير من الضغط على جسم الساعة. والسؤال هو: كيف يمكننا مواجهة هذه القيود التي توجد أمام ساعة هي في الأساس ساعة للارتداء اليومي؟ إلا أن ما ساعد على التغلب على هذه القيود هو أن التكنولوجيا قد قطعت أشواطاً هائلة، تتجاوز كل قدرة لنا على تخيل المستقبل. وبالنسبة إليّ فإن الأمر أقرب إلى الخيال العلمي أكثر من أي شيء كنت أفكر فيه قبل 20 عاماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى