لقاءات

روجر دبليو سميث: إحياء صناعة الساعات الراقية البريطانية

في هذه السلسلة الجديدة من المقالات، التي ستُنشر شهرياً، تركز داي آند نايت على الأفراد الذين أثروا بشكل إيجابي في عالم صناعة الساعات الراقية… وهذا الشهر، نلقي نظرة على حياة صانع الساعات البريطاني المستقل، والحاصل على وسام الإمبراطورية البريطانية؛ روجر دبليو سميث، وعلى تطور مسيرته المهنية، وعزمه على إعادة وضع بريطانيا على خريطة صناعة الساعات.

ألقاب شرفية مثل ساحر صناعة الساعات وأعظم صانع ساعات في العصر الحديث تكون مناسبة تماماً عندما يتعلق الأمر بروجر دبليو سميث. وقد حظيت مجلة داي آند نايت بفرصة مقابلة الرجل للتعمق أكثر في ملامح الشخصية التي تقف وراء هذه الأسطورة.

بولتون، مانشستر، المملكة المتحدة – أواخر السبعينيات وحتى أوائل ثمانينيات القرن الماضي

كانت الغابة في ضواحي بولتون، وهي بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها أقل من 200 ألف نسمة، هي الملاعب المفضلة لصبي صغير اسمه روجر دبليو سميث. وروجر (المولود في العام 1970) هو ابن لطبيب مختص في أمراض الروماتيزم. كانت الحياة جيدة، وكان روجر يفعل ما يفعله أقرانه من الأولاد – فقد لعب كثيراً في الهواء الطلق، وسقط عن دراجته كثيراً، كما كان مصدر إزعاج بالطريقة المعتادة للأولاد الصغار. كانت تلك أيام اللعب والاستكشاف. عاشت أسرته في مكان أقرب إلى الريف، وبالتالي تمتعت بأسلوب حياة العيش في الهواء الطلق خارج الأبواب المغلقة. كان التعليم المدرسي ممتعاً، رغم أن روجر الصغير لم يتفوق أبداً في المدرسة لأنه لم يفهم حقاً المراد من المدرسة أو الفائدة من الدراسة. لقد انجرف بعيداً عن الدراسة خلال سنوات المدرسة، كما يفعل الكثير من الأولاد، من دون أن يكون لديه هدف عظيم أو ما ينبئ بعبقرية مستقبلية. لكن سرعان ما تغير ذلك كله.

مانشستر – 1986 إلى 1988

في هذه الأثناء، وربما بفضل فطنة الوالد المحب، كان د.سميث يراقب اهتمام ابنه بالجانب العملي لصنع الأشياء، وانشغاله المتكرر بالساعة ذات البندول الموجودة لديهم في المنزل، وكيفية عملها، ومن ثم دفع ابنه برفق في الاتجاه الصحيح. وبتوجيه من والده، التحق روجر بدورة في صناعة الساعات في مدينة مانشستر في العام 1986.

بالنسبة إليه، كانت هذه الدورة أفضل تعليم على الإطلاق يمكن له الحصول عليه؛ فقد كانت عملية للغاية، وتهدف إلى جعل صناعة الساعات مهنة للمتعلمين. حيث وجد نفسه فجأة في بيئة سُمح له فيها باستخدام الأدوات، فقد كان هو وزملاؤه يقومون بصنع أشياء، ويستخدمون الأزاميل والمناشير والأدوات اليدوية الأخرى. وكان ذلك أكثر متعة وأفضل كثيراً من الدراسة أو الحفظ. كان ذلك تعليماً عملياً للغاية، ولذا أحبه وتفوق فيه.

كان منهج الدورة التعليمية يستند إلى صناعة الساعات البريطانية، وقد صُمم لمنح الطلاب لمحة عملية عن جميع أنواع الساعات، مثل آلية عمل ساعات الأبراج وما إلى ذلك. وكان الغرض من الدورة التي امتدت إلى ثلاث سنوات، هو منح الطلاب فرصة تجربة استخدام أيديهم، والعمل بالأدوات اليدوية، وبناء قاعدة معرفية يمكنهم من خلالها التخرج والتخصص في أي مجال يرغبون فيه. كما تضمن المنهج العمل على ترميم الساعات.

أثناء مدة الدورة، تولى روجر وظيفة بدوام جزئي في شركة مقرها في بولتون، كانت مركزاً لصيانة ساعات هوير (كان اسمها في ذلك الوقت هوير وليس تاغ هوير). كان ذلك أمراً رائعاً، لأنه كان يكتسب خبرة في أحد مراكز صيانة الساعات، حيث لم يستمتع بالعمل فحسب بل تعلم الكثير عن الساعات. وقد عمل هناك لحوالي ثلاث سنوات، بعضها كموظف بدوام جزئي عندما كان في المعهد، ولاحقاً كموظف بدوام كامل. لكنه في النهاية ترك الوظيفة عندما أدرك أنه لم يكن يستخدم مهاراته اليدوية بالطريقة التي أرادها.

أثناء مدة دراسته في معهد صناعة الساعات، التقى صانع الساعات جورج دانيلز – وهو اللقاء الذي كان من شأنه أن يغير حياته. كان جورج دانيلز – الحاصل على وسام الإمبراطورية البريطانية، وزميل معهد صناعة الساعات البريطاني، وزميل جمعية آثار لندن، وعضو أكاديمية المبدعين المستقلين في صناعة الساعات – بمثابة أسطورة في عالم صناعة الساعات أثناء حياته، وقد اشتُهر بإبداعه الميزان المحوري، الذي استخدمته أوميغا في صنع مجموعات ساعاتها منذ العام 1999. كان لدانيلز تأثير هائل في روجر الشاب، فها هو رجل قام بتصميم وصنع ساعة كاملة بنفسه – من البداية إلى النهاية. زار جورج، الذي كان في ذلك الوقت صانع ساعات شهيراً، المعهد وتحدث إلى الطلاب عن تجاربه في صناعة الساعات، وكيف قام ببناء كل ساعة من ساعاته يدوية الصنع. وهذه هي الفكرة التي رسخت في ذهن روجر، فبدأ يفكر في مستقبل له في صناعة الساعات.

آيل أوف مان (جزيرة مان) – 1989

في وقت لاحق، وعندما كان روجر في التاسعة عشرة من عمره، دفعه اهتمامه المتزايد بصناعة الساعات إلى الكتابة إلى جورج، الذي كان يعيش في آيل أوف مان – جزيرة مان – سائلاً إياه عما إذا كانت هناك إمكانية للتدرب على يديه. أجاب جورج على رسالته قائلاً إن ذلك غير ممكن، لكنه يرحب بأن يقوم روجر بزيارته. زار روجر المتعطش للتعلم آيل أوف مان، واصطحبه جورج في جولة لمشاهدة ورشته، وتحدثا عن طريقته في صناعة الساعات. أخبره جورج قائلاً: إذا كنت تريد أن تصنع ساعة، فعليك أن تعلم نفسك. لا أستطيع أن أعلمك. عليك أن تتعلم بدافع شخصي… وأن تكون قادراً على صنع ساعتك الخاصة بك منزلياً. كانت المعلومات متاحة بسهولة، والآن كان الأمر يرجع إلى روجر للحصول عليها. كان جورج قد ألف كتاباً بعنوان صناعة الساعات، والذي وفر لروجر البداية. كانت تلك بداية رحلة روجر في عالم صناعة الساعات.

بولتون، مانشستر – أوائل تسعينيات القرن العشرين

كانت عملية تعلم طويلة، وكان روجر لا يزال يعيش مع والديه، اللذين سمحا له بإجراء تعديلات على مرآب المنزل ليستوعب ورشة صغيرة. كان لا يزال يعمل مع تاغ هوير (كان اسم العلامة حينها قد أصبح تاغ هوير)، وكان مسكوناً بفكرة صنع ساعة كاملة بيديه. أقرض د.سميث ابنه روجر القليل من المال لشراء مخرطة ومعدات أساسية أخرى. استقال روجر من وظيفته، وبدأ القيام ببعض أعمال الإصلاح الحرفية لصالح عدد من صائغي المجوهرات، حيث كان يعمل لصالح أولئك لمدة 2-3 أيام في الأسبوع، وخلال بقية الأيام كرس نفسه لصنع ساعة للجيب.

استغرق صنعه أولى ساعاته تلك عاماً ونصف العام، من دون توجيه من أي شخص على الإطلاق. في تلك المرحلة لم يكن سوى روجر ونسخته من كتاب صناعة الساعات الذي ألفه جورج – كتابه المرشد ودليله إلى صنع ساعة للجيب. اتبع ما ورد في الكتاب بكل وسعه، وبعد 18 شهراً تمكن من صنع ساعته الكاملة الأولى. يحدوه الأمل حمل روجر ساعته إلى جورج للحصول على موافقته، لكنه أخبره أنها تبدو يدوية الصنع جداً. قال له جورج بفظاظة: أهنئك، لديك ساعة تعمل وتصدر صوتاً، لكن عليك الآن الذهاب لتركز على تفاصيل صناعة الساعات – المهارات. أُخبر روجر أن الساعة يجب أن تبدو مصنّعة وليس مصنوعة يدوياً. كانت مشكلة الساعة التي صنعها هي أن جورج كان يمكنه رؤية يد صانع الساعات داخل الساعة؛ وهو ما يعني رفضاً شديداً لها. غادر روجر المحبط جزيرة مان وهو أكثر تصميماً على إثبات قدرته على صنع ساعة.

آيل أوف مان – منتصف التسعينيات

بعد خمس سنوات، سار روجر في الطريق المؤدي إلى منزل جورج تملؤه مشاعر الخوف والقلق. كانت تلك هي اللحظة التي ستقرر مصيره، حيث كانت تتويجاً لخمس سنوات من العمل الشاق في صنع ساعة مراراً وتكراراً، وخلال ذلك لا يشغله إلا الوصول إلى الجودة والحرفية المطلوبة، وتنقيح عمله باستمرار. فإذا لم تعجب جورج هذه الساعة، فمعنى ذلك أنه ربما ينبغي وضع أحلام روجر المتعلقة بصناعة الساعات جانباً.

هذه السنوات الخمس كانت عبارة عن عملية شاقة لابتكار ساعة يمكنها أن توافق معايير جورج الصارمة. كان روجر أثناء ذلك يقوم أيضاً بإصلاح ساعات علامة تجارية أخرى، ما ساعده في كسب المال لسداد قرضه ليتبقى له القليل ينفقه على نفسه. كانت تلك هي ساعة الجيب الثانية التي يقوم بصنعها، والتي قام بصنعها حوالي 4 مرات على مدار السنوات الخمس، وعمل على تنقيحها مراراً وتكراراً. في نهاية السنة الأولى من تلك السنوات الخمس، كان الساعة تعمل لكن بعد ذلك بدت المكونات التي قام روجر بصنعها في بداية العام ذات جودة رديئة بالنسبة إلى حساسيته المتزايدة. وهكذا عاد مرة أخرى إلى البداية ليعيد صنع الساعة. تكررت هذه العملية على مدى خمس سنوات، حتى وصل روجر في النهاية إلى النقطة التي أدرك فيها أنه لا يمكنه تحسين عمله أكثر من ذلك. وشعر أنه قد وصل إلى مستوى صناعة الساعات الذي يتناسب مع متطلبات جورج.

لحسن الحظ، كانت نتيجة المقابلة أفضل مما توقعه روجر، فقد وافق جورج تماماً على الساعة وأقر عمله، حيث قال له: تهانينا، أنت الآن صانع ساعات. بالنسبة إلى روجر كانت تلك لحظة رائعة، ونهاية سعيدة لسبع سنوات من العمل الشاق. لكن بعد ذلك أضاف جورج: الآن أنت بحاجة إلى تطوير أسلوبك الشخصي، كانت تلك هي المرحلة التالية، وبداية رحلة طويلة أخرى.

آيل أوف مان – 1998 إلى 2001

خلال هذه السنوات أصبح روجر أكثر مهارة في ما أطلق عليه طريقة دانيلز، وهو تعريف للطريقة التي كان يعمل بها جورج. كان جورج يصمم ساعة ويقوم بصنعها بالكامل، وهو نهج غير عادي بالمرة في صناعة الساعات، نشأ عن حقيقة أن جورج كانت لديه أفكار لتحسين أجهزة ضبط الوقت الميكانيكية. لكن صناعة الساعات في بريطانيا كانت قد اختفت، فلم يعد هناك صناعة للساعات رغم أن لندن وباريس لعبتا دوراً مهماً من الناحية التاريخية في صناعة الساعات. لم يكن البريطانيون مستعدين لاتخاذ صناعة الساعات حرفة. فانتهى الأمر بجورج إلى تعلم جميع المهارات اللازمة لابتكار وصنع ساعة كاملة يدوياً – بما في ذلك صنع الميناء والعقارب والميناء وكل شيء آخر، أي إتقان 34 مهارة اعتبرها جورج ضرورية لصنع ساعة. أطلق روجر على ذلك اسم طريقة دانيلز التي لا تزال متبعة في مشغله؛ حيث يقوم رجل واحد بتصميم وتصنيع الساعة من البداية إلى النهاية.

ذهب روجر للعمل مع جورج في العام 1998 على مشروع ساعة يد الألفية، حيث عمل معه لمدة حوالي ثلاث سنوات. وبالنسبة إلى روجر كانت تلك تجربة رائعة بشكل لا يصدق، حيث لم يكن لدى روجر كتاب الرجل فحسب، بل كان لديه الرجل نفسه. كان جورج معلماً بارعاً، وكان قادراً على سد جميع الثغرات التي يحتاج روجر إلى سدها ليصبح صانع ساعات قديراً.

آيل أوف مان – 2001 حتى الآن

في ذلك الوقت تقريباً، اشترى روجر منزلاً في جزيرة مان؛ عبارة عن كوخ – بيت ريفي – صغير حيث أنشأ ورشة صغيرة. كان لا يزال عازباً، وبذلك كان المنزل له وحده، وكان لديه الوقت الذي يخصصه لمشروعه الوليد. بدأ بابتكار مجموعته الأولى من ساعات اليد Series 1. في تلك المرحلة، لم يكن لديه أي اهتمام بساعات الجيب، والتي كان جورج يقوم بصنعها في الغالب حتى ذلك الوقت، ولذا بدأ هو في صنع ساعات اليد. كانت تلك عملية شاقة لأنه بدأ مرة أخرى من الصفر، وقد كان ذلك يعني محاولته إيجاد سوق لبيع أعماله، ومحاولة التواصل مع الجهات الفاعلة المشتركة، وفي الوقت نفسه العمل على تصميم ساعة يد، وهو ما لم يفعله من قبل.

Series 1 – المجموعة الأولى

يُعدّ الانتقال من ساعة الجيب إلى ساعة اليد نقلة هائلة، كما كان يجب صنع كل شيء يدوياً. لم تكن لدى روجر في ذلك الوقت معدات التصنيع المحوسب CNC، فكان ذلك تحدياً ضخماً، لكنه تعلم الكثير خلال مراحل عملية الصنع، وانتهى به الأمر بصنع تسع من ساعاته الأولى تلك – بيعت جميعها.

كانت تلك الأيام المبكرة تمثل تحدياً حقيقياً وفترة مرعبة بالنسبة إلى روجر، الذي كان بالكاد يستطيع توفير احتياجاته الأساسية في ذلك الوقت. لم يربح روجر أي أموال من ذلك المشروع، كان يحاول أن يجد طريقه، ويتعلم كيف يتحدث إلى العملاء، وكيف يتواصل مع الصحفيين؛ يتعلم كيف يروي قصته، التي كانت لا تزال في طور النمو. كان ذلك المشروع تحدياً مالياً، ولكنه أسس القاعدة التي يستند هو إليها اليوم.

تتمتع ساعات Series 1 الأولى بعلبة مستطيلة الشكل، بخلاف الساعات الحالية من هذه المجموعة التي تتميز بعلبة مستديرة الشكل. وفي الوقت الذي كان روجر يصمم ساعة Series 1 الأولى، أصابته ساعة Cabaret من إيه. لانغيه آند صونه بالذهول، حيث أبهرته بنيتها وآليتها وميناؤها وسمات التصميم الأخرى بشكل كبير. ألهمت هذه العلامة حديثة النشأة، والتي كانت تقوم بعمل شيء مختلف؛ روجر كثيراً، وشعر أنه إذا تمكن من تصميم ساعة مستطيلة الشكل، فربما سيجذب بعض الانتباه إلى عمله.

Series 2 – المجموعة الثانية

ظهرت مجموعة Series 2 إلى الوجود لأول مرة في العام 2006، أي بعد خمس سنوات من المجموعة الأولى Series 1 – ومرة أخرى، كانت تلك لحظة مهمة. في مجموعة Series 1 قام روجر بتصنيع بعض المكونات، واشترى البعض الآخر حيث لم تكن لديه المعرفة الكافية لصنع ساعة يد بالكامل. لكن بالنسبة إلى مجموعة Series 2 فقد كان مصمماً على صنع الساعة بالكامل كلياً في ورشته. كان الوصول إلى هذه المرحلة تحدياً هائلاً استغرق خمس سنوات. وتُعدّ Series 2 أكبر إنجاز للعلامة التي تحمل اسم روجر، ويرى روجر أنه ربما في ذلك الوقت قد اجتمعت السمات الجمالية لتصميمه معاً بالفعل. فقد كان يعمل على الجماليات وحس التناسب، ويعتقد أن مجموعة Series 2 صارت واقعاً عندما شُحذ الكثير من أفكاره. وبالطبع، فإن تجربته مع مجموعة Series 1 هي التي قادته للوصول إلى هذه المرحلة.

Skeleton Series 5 – المجموعة الخامسة

بعد إزاحة الستار عن Series 3 وSeries 4، أطلق روجر مجموعته الأيقونية Skeleton Series 5 في العام 2016. ويصف مجموعة Series 5 بأنها عملية مستمرة. وبسؤاله متى يمكن أن نتوقع نسخة محدثة من ساعة Skeleton Series 5، قال: أعدت تشكيل ساعة Series 5 لتقديم ساعة ذات ميناء مفتوح، في العام 2015، ولا نزال نقوم بتسليم تلك القطع. إلا أن المؤكد أنني لن أتوقف أبداً عن صنع أي من الساعات الخاصة بي – من جميع مجموعات Series ابتداء من Series 1، لأنني بذلت الكثير من الجهد في ابتكار تلك الساعات. نحن نصنّع عدداً محدوداً جداً؛ حيث نصنّع 18 ساعة فقط في السنة. لكن المشكلة هي أنه بسبب إنتاجنا المحدود، تمتد فترة الانتظار لتسلم ساعاتنا إلى سنوات – أحياناً 8 أو 10 سنوات.

إحدى المشكلات المستمرة التي يواجهها روجر هي أن الطلب يفوق العرض كثيراً. ولذا هو يدرس الجدوى الاقتصادية  لزيادة إنتاجه السنوي إلى 24 قطعة، لكنه أيضاً مصمم على التمسك بالجودة والمعايير التي وضعها. وهو يدرك أنه مطلب صعب، لكنه مستعد للتعامل معه في مرحلة ما. وحالياً يعمل لديه 15 شخصاً، منهم 10 صانعي ساعات. ورغم أنه يوظف أشخاصاً بعد تخرجهم في المعهد مباشرة، إلا أنه يجب أن تكون لديهم المعارف الأساسية في صناعة الساعات. وهو يرأس حالياً فريقاً رائعاً من الشباب.

يصف موقع صانع الساعات روجر دبليو سميث طريقته في العمل بأنها تطبيق لعلوم الأجيال القادمة على ما كان يُعتبر دائماً شكلاً فنياً تقليدياً. يشرح روجر ذلك بقوله: نستخدم ميزاناً متحد المحور كو-أكسيال، هو الأخف وزناً والأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية – كما أنه ضابط الانفلات الأكثر كفاءة تقنياً المتاح حالياً. كما أننا نبحث أيضاً استخدام تكنولوجيا النانو لتقليل الاحتكاك واستبدال الزيت الذي يوجد عادة في ساعات اليد. وبينما أعتبر نفسي تقليدياً لجهة نهجي في صناعة الساعات، فإن لدي هاجساً بمحاولة تحسين ضابط الوقت الميكانيكي؛ بتحسين جودة وبنية وكفاءة الآلية. كما أنه يعمل أيضاً مع جامعة مانشستر متروبوليتان على تطوير تكنولوجيا النانو.

ورغم أن جورج دانيلز كان له تأثير ضخم في أعمال روجر، فإن أحد الاختلافات الرئيسية بينهما هو أن إبداعات جورج جميعها تتضمن موانئ أحادية المكون، في حين أن موانئ روجر متعددة المكونات. ويوضح روجر السبب في ذلك بقوله: عندما تقوم بصنع ميناء لساعة جيب، يكون أكبر وأسهل من حيث زخرفته دائرياً. وعندما بدأت صنع أولى ساعات Series 1 مستطيلة الشكل، كنت أرى بعض الموانئ ذات الزخرفة الدائرية قادمة من سويسرا وكانت ذات جودة رائعة. فأدركت أنه ربما استُخدم بعض عمليات التصنيع المحوسب CNC وأنماط أخرى من عمليات التصنيع. وكان علي أن أنافس ذلك بطريقة ما، لكنني كنت ما أزال أرغب في استخدام تقنيات الزخرفة الدائرية التقليدية. أدركت أنني إذا أردت القيام بذلك في ميناء ساعة لليد، فلن أستطيع الحصول على الجودة التي يمكن أن تقارن بمخرجات الإنتاج الضخم في سويسرا. فأدركت أنه إذا استطعت تصنيع الميناء من عدة مكونات، فإنه يمكنني تحسين جودة الميناء بشكل كبير.

وروجر مفتون بالماضي الحافل لصناعة الساعات البريطانية. حيث قادت بريطانيا العالم في صناعة الساعات من القرن السابع عشر حتى القرن التاسع عشر. فقد كانت ساعات الجيب وساعات الطاولة والأرفف.. المصنوعة بدقة، تُشحن من بريطانيا إلى مختلف المناطق حول العالم. يقول روجر: اختفت تلك الحرفة لأن الأشخاص الذين كانوا يسيطرون عليها رفضوا اعتماد الأساليب الصناعية المستحدثة في تصنيع الساعات، حيث كانوا لا يزالون حريصين على طريقة صنع الساعات التقليدية.

ويعتقد روجر أن صناعة الساعات البريطانية ستحتل مكانها اللائق في المستقبل، لكن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً. يقول: نحن على وشك بداية رحلة جديدة بالنسبة إلى صناعة الساعات البريطانية. لقد فقدنا المهارات والمعارف الأساسية. فيمكننا جميعاً شراء نفس المعدات من سويسرا أو ألمانيا، لكننا بحاجة إلى تعلم تلك المهارات والتدرب عليها، وسيستغرق ذلك وقتاً. وقد يستغرق الأمر ما بين 20 إلى 50 عاماً قبل أن نرى شيئاً يحدث بهذا الخصوص، لكنني آمل أن يكون مساراً تدريجياً حيث يبدأ الناس عادة باختيار المهام السهلة. ويضيف: على سبيل المثال، كل ما نحتاج إليه هو أن يبدأ أحد ما بصنع علب الساعات، وستكون تلك بداية. لن يكون الأمر كما كان عليه في السابق، كما أنه لن يكون أبداً نسخة طبق الأصل عن صناعة الساعات السويسرية. علينا القيام بشيء مختلف، فلا يوجد لدينا في بريطانيا نقص في الإبداع، وأعتقد أنه بدأ بالفعل في الظهور في بعض العلامات الصغيرة وأحياناً الصغيرة جداً؛ التي انطلقت أعمالها هنا.

وفي الوقت نفسه، فإن روجر معجب جداً بإبدعات صناعة الساعات الراقية من الدول الأخرى، يقول: تقوم ألمانيا وسويسرا بعمل استثنائي في ما يخص صنع بعض الساعات الرائعة. لقد أتقنوا فنهم على مدى عقود عديدة، وأنا معجب جداً بما هم قادرون على تحقيقه.

إبداعات روجر دبليو سميث متوفرة في المنطقة لدى بربيتوال على الموقع الإلكتروني:

https://perpetuel.com/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى